إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا (يجب) على الوالد التسوية بين أولاده في العطية والتمليك المالي، (ويستحب) له التسوية في المحبة والرعاية، لكن إذا كان فيهم من هو معاق أو مريض أو صغير ونحوه فالعادة أن يكون أولى بالشفقة والرحمة والرقة. وقد سئل بعض العرب: من أحب أولادك إليك؟ فقال: الصغير حتى يكبر، والمريض حتى يبرأ، والغائب حتى يقدم. عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . إن المسلم الملتزم بدين الله ، والذي سار على صراط الله المستقيم ، سيجد دعاة الضلال والانحراف؛ وهم واقفون على جانبي الطريق، فإن أنصت لهم والتفت إليهم عاقوه عن السير، وفاته شيء كثير من الأعمال الصالحة. أما إذا لم يلتفت إليهم؛ بل وجه وجهته إلى الله فهنيئا له الوصول إلى صراط ربه المستقيم الذي لا اعوجاج فيه ولا انحراف
فضل الصحابة وذم من عاداهم
8991 مشاهدة
في العراق كثير من المحبين لعلي

ولا شك أن في العراق كثير من المحبين لعلي الذين ألفوه في حياته وأحبوه محبة صادقة، هؤلاء إما أن يكونوا معتدلين في حبه، وإما أن يكونوا من أتباع الغلاة، ولا شك أنهم إذا سمعوا هؤلاء الخطباء يلعنونه على المنبر في العراق وفي الشام يسوءهم ذلك، ويحبون أن يكون لهم أتباع، وأن يكون لهم على ما هم عليه من يشجعهم، فإذا سمعوا ذلك أخذوا في مجالسهم يذكرون فضائل علي ثم دخل بينهم الغلاة، فصار أولئك الغلاة في مجالسهم الخاصة التي هي من مجالس أتباع علي أو المحبين لعلي يكذبون ويغلون بالكذب ويولدون، فبدل أن يذكروا فضائله الصحيحة ومزاياه ومدائحه التي مدحه بها النبي صلى الله عليه وسلم، صاروا يضيفون إلى ذلك أكاذيب ليست بحقيقة.
ولعلي رضي الله عنه فضائل، مثل قوله صلى الله عليه وسلم: أنت مني بمنزلة هارون من موسى ولكن هؤلاء لم يقنعوا بذلك، بل صاروا يزيدون، فصارت مجتمعاتهم التي يجتمعون فيها لا يذكرون فيها إلا فضائل على، فلا يرون من يقتنعون بقولهم، فيكذبون أكاذيب.
فمثلا حديث غدير خم الذي يجعلونه ديدنهم يزيدون فيه، فحديث غدير خم فيه أنه صلى الله عليه وسلم حمد الله وأثنى عليه ووعظ وذكّر ثم قال: أما بعد، ألا أيها الناس فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله واستمسكوا به، ثم قال: وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي هذا هو الثابت، ولكن لم يقتصروا عند هذا، بل صاروا يضيفون إليه زيادات مكذوبة حتى ألفوا كتبًا في هذا الحديث، وجعلوه بألفاظ عديدة، فقالوا: إنه قال: مَن كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال مَن والاه، وعاد من عاداه .
وذكروا في أكاذيبهم أن عليًّا مكتوب اسمه على قائمة العرش، وأنه ممن خلقه الله وقرنه باسم محمد أو فضله على خلقه، وأنه وزوجته مكتوبان في غرف الجنة كلها، وأنه، وأنه..، أكاذيب يلفقونها، وهذه الأكاذيب التي يكذبونها ويروجونها إذا سمعها تلامذتهم وأنصارهم أخذوا يروونها، وإذا سمعها الآخرون فماذا يقولون؟ لا شك أنهم يقولون: كيف تكون هذه مزاياه وهذه فضائله ويتقدم عليه غيره؟ ويكون غيره أفضل منه؟ كيف قدم عليه أبو بكر وعمر وعثمان ؟ لا بد أن يكون هو الأفضل، وهو الإمام.

ولما سمعوا تلامذتهم ومن كان حولهم يتكلمون بهذا أرادوا أن يسكتوهم، فقالوا: هلموا فلنكذب أكاذيب نسكت بها تلامذتنا حتى لا ينكروا علينا ما نحن فيه، فكذبوا أكاذيب لفقوها رموا بها أبا بكر وعمر وعثمان وبقية الصحابة، وادعوا أنهم مغتصبون،وادعوا أنهم خونة، وادعوا أنهم ظلمة، فامتلأت كتبهم بالسب والحمل على هؤلاء الصحابة، وهى أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان، سببها ومبدأ أمرها التسكيت لأتباعهم حتى لا ينكروا عليهم.
ولما اشتهرت هذه الأكاذيب فيما بينهم اعتقد تلامذتهم كفر أئمة الصحابة، واعتقدوا أن الصحابة ليسوا على هدى حيث إنهم بايعوا غير الإمام الحق،وخلعوا الإمام الحق - وهو علي - من إمامته، وبايعوا أبا بكر وهو مغتصب ظالم، وبايعوا أيضًا عمر وهو ظالم ليس له حق، فجعلوهم بذلك مرتدين، وأبطلوا بذلك فضائلهم التي رُويت في كتب الصحابة، ورواها أئمة الصحابة، وخُرّجت في الصحيحين وغيرهما، وقالوا: إن فضائلهم التي وردت في القرآن بطلت بمجرد ردتهم، بعد موت محمد صلى الله عليه وسلم، وردتهم أنهم منعوا عليًّا من حقه، منعوا عليًّا من أن يكون هو الإمام، وبايعوا مغتصبًا ظالمًا هو أبو بكر
هكذا كانت أقوالهم، وهكذا رسخت هذه العقيدة في نفوسهم، وتوارثوها وأخذوا ينقلونها في آخر القرن الأول وفي أول القرن الثاني، يتناقلون هذه الأكاذيب ثم ينقلون فضائل علي ويبالغون فيها، وفضائل الحسن وفضائل الحسين وفضائل ابن الحنفية وفضائل زين العابدين وأولادهم، وأحفادهم وأولاد أولادهم، ويكذبون في فضائلهم أكاذيب لا تليق بعاقل ولا يصدقها ذو عقل سليم، ولو قرأتم في كتبهم التي يروونها لعجبتم كيف يصدقون بهذه الأكاذيب، كيف تروج عليهم؟ ولكن سلبت عقولهم، فلأجل ذلك يقول بعض العلماء: إنهم لا خلاق لهم، ويذكرون أنهم ليس لهم عقول، فلا يصدق تلك الأكاذيب إلا من طمست بصيرته.
كل ذلك مذكور في الردود التي ردت عليهم، ولو قرأتموها لعجبتم كيف يصدقون بهذه الأكاذيب، ولا يزالون على هذا المعتقد إلى هذا اليوم وللأسف، مع تفتح الناس وتبصرهم لا يزالون يروون ويتداولون في كتبهم تلك الأكاذيب، حملوا عليها أو أولوا عليها الآيات القرآنية التي وردت في القرآن، فمثلا: ذكر بعض الإخوان أنه اطلع على تفسير كبير موجود عندهم لأحد أئمتهم قرأ قول الله تعالى: مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فسّر (البحرين) بأنهما عليٌّ وفاطمة مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ علي وفاطمة التقيا، أي: بالنكاح. يَخْرُجُ مِنْهُمَا اللُّؤْلُؤُ وَالْمَرْجَانُ اللؤلؤ والمرجان هما: الحسن والحسين اللذان خرجا من علي وفاطمة هكذا راجت هذه الأكاذيب بالنسبة إلى مديحهم.